• ×
الخميس 16 شوال 1445
الدكتور:نزار السامرائي

سطور من كتاب " في قصور آيات الله "

الدكتور:نزار السامرائي

 0  0  1.3K
جاء شتاء عام 2001/2002 مبكراً حاملاً لنا الثلوج التي تكدست في الساحات الخارجية لقاعتنا، ولم نحمل حماسة جدية للخروج في ممارسة التمشي فرياضة العجائز هذه، وعلى سهولتها بحاجة إلى مصدر معلوم من الطاقة، والغذاء المقدم لنا وعلى الرغم من التحسينات التي دخلت عليه لا يوفر إلا أقلّ القليل من السعرات الحرارية، ومع ذلك فما نفكر فيه أكبر من ذلك بكثير، إنّه التمشي في شوارع بغداد وحتى أزقتها ومدن العراق الأخرى كل حسب خزينه من الحلم المتراكم، وحسب ما استودعته نفسه من ذكريات سالفة .

بدأت الإشاعات الوردية تتسرب إلينا بغزارة من وراء الغيب، كنّا نبذل جهداً لغربلتها وترشيحها، وأخذ القليل القليل منها ورد الباقي، كنّا كمن لسعته أفعى، ولا يريد أنْ يقدم نفسه هدية مجانية لأفاعي الإيرانيين الجديدة والمغلفة بالحلوى، وعلى الرغم من أنّنا لم نكن لنخسر شيئاً، أو بدقة أكثر لن نقدم شيئاً أو نؤخر، في حال تصديقنا أية قصة أو معلومة أو إشاعة، أو ردّنا لها فإنّنا كنّا على الدوام نأخذ بالجانب المظلم .

لأنّ ذلك لا يقطع علينا طريق الأمل إذا فتحت أبوابه، ولكنّنا إذا أسرفنا في تفاؤل غير مدروس، ثم تبين بالدليل القاطع أنّه كان محض سراب، فذلك قد يخلق انكساراً نفسياً تصعب معالجته، ولهذا كنّا نرفض أخبار التفاؤل، حتى في حال استقر بعضها في سويداء القلب .

كان هذا أسهل الحلول، وأثبت صوابه في تجارب الأسر، فكم ممن أخذته موجة تفاؤل في غير محلّها، حين حصحص الحق، أصيب بردة فعل أثرت على توازنه النفسي، ولكنّ زمن الأسرى لا يركب عربة واحدة على طول الخط، لا بدّ من تغير في عرباته بين آونة وأخرى، وربما تأتي العربة التي توصلنا إلى أرصفة الوطن الدافئة .

الدكتور : نزار السامرائي
عميد الاسرى العراقيين
في سجون ايران