• ×
الأربعاء 15 شوال 1445

القراءة .. المتعة التي لم تعد ترتبط بالوحدة

 القراءة .. المتعة التي لم تعد ترتبط بالوحدة
بواسطة fahadalawad 20-08-1436 10:01 مساءً 778 زيارات
ثقة ـ متابعات : لم تتراجع معدلات القراءة بقدر ما تنوعت طرقها وأشكالها، بتنوع طرق الاتصال الحديثة. هذا ما يقول به كثير من المهتمين حول العالم، حتى باتت أشكال القراءة تحديدا محط مقالات ودراسات مستفيضة للخروج بتصور أكثر فهما وتفهما، لطبيعة قارئ اليوم وأدواته الحديثة، من تطبيقات وأجهزة، مقارنة بقارئ الأمس.

كما لم تعد القراءة متعة ترتبط بالوحدة. بل أصبح بالإمكان مناقشة الكتب أو اقتراحها أو تقييمها على شبكة الإنترنت. إلا أن هذا الاتجاه نحو "القراءة الاجتماعية" يخفي وراءه أيضا بعض استراتيجيات التسويق ومصالحه. بحسب "أستريد هربولد"، الصحفية المستقلة من برلين. والكاتبة لعدد من الصحف من بينها "دير تاجيس شبيجل" و"تسايت أون لاين"، حول الموضوعات ذات الصلة بالإنترنت والعالم الرقمي.

إذ تؤكد هربولد في مقال لها، نشره معهد غوته، في وقت سابق أنه، ليس أمرا جديدا أن يتبادل القراء الآراء حول الكتب. ولكن الجديد هو أن يقومون بذلك بأنفسهم على صفحات الكتب. وشركة سوبوكس (Sobooks) تتيح تلك الإمكانية، وهي شركة ألمانية صغيرة في بداية مشوارها. ففي معرض فرانكفورت للكتاب لعام 2013 قام مؤسس الشركة والمؤلف ساشا لوبو بتقديم منصته: منصة سوبوكس لا تتيح إمكانية شراء الكتب الإلكترونية فحسب، بل الكتابة على صفحاتها أيضا. حيث يمكن ترك التعليقات على هوامش الكتب مباشرة. يبدو الأمر قليلا كما لو أنه تم اقتراض كتاب من المكتبة ولا يزال يحمل في طياته حواشي لقراء سابقين. يوضح لوبو المفهوم قائلا: "نرغب في جذب أطراف النقاش حول الكتب إلى صفحات الكتاب". وإن الكتب المتخصصة التي يثير نقاشها الكثير من الجدل، تتناسب بشكل خاص مع هذه الفكرة: حيث يمكن للقراء طرح حجج مضادة والإضافة إلى الحقائق والكشف عن أخطاء ومغالطات المؤلف.

ما زالت منصة سوبوكس في طور التجربة، ولا يتوافر سوى عدد قليل من الكتب على الموقع الإلكتروني. وعلى الرغم من ذلك، لاقت الفكرة اهتماما كبيرا خلال وبعد معرض الكتاب. لأن أي شي ذو صلة بالتفاعل يعتبر صيحة في مجال النشر. "سوف تصبح القراءة الاجتماعية واحدة من أكبر القوى المحركة لهذه الصناعة"، هذا ما توقعه أوتيس تشاندلر، المؤسس والمدير التنفيذي لمنصة جود ريدز Goodreads.com لتوصيات القراءة وذلك في حوار له في تشرين الأول (أكتوبر) 2013. ينبغي أن يكون على علم بذلك، حيث إن عدد أعضاء موقعه الإلكتروني، الذي أسسه عام 2006، قد تضاعف خلال عام 2013 فقط. مع مطلع عام 2014 تدافع أكثر من 20 مليون مستخدم من جميع أنحاء العالم على الموقع، مع العلم أن ألمانيا تأتي في المركز الثاني بعد إنجلترا من حيث عدد مستخدمي موقع جود ريدز في أوروبا.

وتضيف هربولد، لقد تطورت شبكة الإنترنت لتصبح بمنزلة ملعب فسيح لمتعطشي القراءة. ولكن، ما المقصود بـ"القراءة الاجتماعية" بالتحديد؟ إن هذا المصطلح يغطي في أوسع معانيه كل ما له علاقة بتبادل الآراء بين القراء. ما بين مدونات قراءة ومواقع إلكترونية موجهة خصيصا لعشاق رواية ما أو مسلسل مثير على سبيل المثال. وتمتد هذه الصيحة لتشمل أيضا البوابات الإلكترونية من أمثال جود ريدز (Goodreads.com) أو نظيره الألماني لوفلي بوكس (Lovelybooks.de)، حيث يتسنى للمستخدمين تقييم ونقد الكتب. وتلحق خواص الكتاب الإلكتروني بتلك المواقع، التي تتيح الفرصة لمشاركة ونشر التعليقات والاقتباسات من الكتاب مباشرة عبر موقعي فيسبوك وتويتر على سبيل المثال.

تعد القراءة الاجتماعية من منظور الناشرين شكلا جديدا ورائعا من أشكال التسويق، فليس هناك ما هو أكثر فاعلية من إشعال حماس القارئ. أما من منظور القراء، فالقراءة الاجتماعية تعد بالأحرى شكل جديد من أشكال الاستقبال. إذ تتيح الفرصة لاصطحاب الجمهور وإشراكه أثناء القراءة. تثار المناقشات حول الكتب، والفقاعات الخطابية كذلك. حيث يتناقش الأشخاص ذوو الأذواق المتقاربة بحماس حول الشخصيات وتوابع الأحداث، على الرغم من أنهم لا يعرف بعضهم بعضا معرفة شخصية. ويأتي نظام الحلول الحسابية ليحول النقاش وتبادل الآراء إلى توصيات قراءة: "قد يحوز ذلك على إعجابكم أيضا."

يتمثل الجانب الآخر من القراءة الاجتماعية، برأي هربولد، في "القارئ الزجاجي". طالما كانت القراءة نشاط يتسم بالصمت والانطواء على مر السنين. وإذا ما تحمس أحد القراء لكتاب ما، اقترحه وأوصى به شفهيا في أوساط الأصدقاء. ولكن ذلك كان يجري دون إشراف أو سيطرة أو تقييم. لذا اعتبرت الأنظمة الاستبدادية القراءة في كثير من الأحيان بمنزلة نشاط هدام وهواية مشبوهة. إلا أن هذا تغير في ظل وجود الإنترنت. ويمكن للكثيرين اقتفاء أثر قراءات وتوصيات القراء الآخرين. كما يقوم تجار الكتب على الإنترنت بحفظ مبيعات الكتب، فيتسنى للمرء تسجيل الدخول لعديد من منصات التقييم والنقد باستخدام حساب فيسبوك شخصي، وكل ذلك من شأنه أن يخلف آثارا من البيانات. وإن هذه الكميات الهائلة من البيانات تعد مثيرة للاهتمام للغاية من منظور الناشرين والمؤلفين. بل يا حبذا لو تسنى لهم أيضا تعقب عملائهم بأنفسهم حتى في الكتب الإلكترونية، أي تعقب تحركات القارئ عبر النص. متى يتوقف عن القراءة وماذا يجذبه وما الذي يشعره بالضجر؟

وكذلك منصة سوبوكس تسعى هي الأخرى إلى تقييم تلك البيانات. ويبقى لنا أن نرى ما إن كانت تلك الشركة المبتدئة ستحظى بفرصة في مواجهة المنافسة العالمية في تلك السوق المزدهرة للقراءة الاجتماعية؟ الجدير بالذكر أن موقع أمازون للتسوق الإلكتروني، وهو الرائد في سوق بيع الكتب الإلكترونية في ألمانيا بفارق كبير، قام بشراء موقع جود ريدز. إنه استثمار جيد بكل تأكيد، تختم هربولد، لأنه بفضل بيانات موقع جود ريدز سيتسنى لموقع أمازون تحليل رغبات عملائه بشكل أفضل.