• ×
الخميس 16 شوال 1445

العنف في سوريا يهز الاستقرار الهش في لبنان

العنف في سوريا يهز الاستقرار الهش في لبنان
بواسطة fahadalawad 02-07-1433 11:11 مساءً 650 زيارات
ثقة : بيروت ( رويترز )   تدور معارك دامية بين مسلحين في الشوارع ويقطع محتجون طرقا بإشعال إطارات السيارات في حين يطالب سياسيون معارضون بسقوط رئيس الوزراء ويتهمون الجيش بأنه عميل لقوة أجنبية.
والتوتر الطائفي في لبنان الذي يختمر على مدى عقدين منذ انتهاء الحرب الأهلية الطاحنة تأجج مجددا بسبب الاضطرابات في سوريا مما يهدد بانزلاق البلاد الى في فترة اضطراب طويلة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وهو أحد منتقدي العداء الغربي والعربي للقيادة السورية "هناك الآن... خطر حقيقي من امتداد الصراع إلى لبنان حيث يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة بالنظر إلى التاريخ والتركيب العرقي والديني للسكان والأسس التي تقوم عليها الدولة اللبنانية."
وفي مدينة طرابلس الشمالية حيث يدعم السنة بقوة الانتفاضة المستمرة منذ 14 شهرا ضد الرئيس السوري بشار الأسد قتل تسعة اشخاص في اشتباكات دارت الاسبوع الماضي بسبب اعتقال نشط مناهض للأسد.
وامتد العنف إلى العاصمة بيروت يوم الاثنين عندما خاض مسلحون سنة معارك في الشوارع في إحدى ضواحيها عقب مقتل رجل دين سني معارض للأسد أيضا على يد جنود عند نقطة تفتيش تابعة للجيش في محافظة عكار.
ويوم الثلاثاء سد شيعة غاضبون طرقا في الضاحية الجنوبية لبيروت احتجاجا على خطف 13 شيعيا لبنانيا في شمال سوريا على يد معارضين مسلحين من الأغلبية السنية.
وقال أيهم كامل العضو في مجموعة اوراسيا "إننا ندخل مرحلة طويلة من عدم الاستقرار في لبنان. لا يوجد سبيل مباشر لاحتواء كل تلك الأحداث بشكل كامل."

وأجبرت الانتفاضة السورية رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على الحرص على تحقيق توازن يكاد يكون مستحيلا بين المؤيدين والمعارضين للأسد في بلده التي هيمن عليها لفترة طويلة نفوذ الجيش السوري.

ويجسد ميقاتي نفسه بعض الولاءات المتضاربة إذ أنه سني من طرابلس لكن يحتفظ في الوقت نفسه بعلاقات وثيقة مع السلطات السورية ووصل إلى السلطة العام الماضي بعدما أطاح حزب الله الشيعي وحلفاؤه المسيحيون بحكومة وحدة في لبنان برئاسة الزعيم السني سعد الحريري.

ويتبنى ميقاتي سياسة إبعاد بلاده عن اضطرابات سوريا في مساع يحتمل أن يكون مآلها الفشل لتأمين لبنان من الاضطرابات عبر حدوده البرية الوحيدة المفتوحة.

وانتقلت المعارك عبر الحدود عدة مرات إلى جانب عدة آلاف من اللاجئين السوريين الذين ساعد وجودهم في تأجيج غضب السنة من الأسد. ويشيع تهريب السلاح واتهمت سوريا لبنان باحتضان "عناصر إرهابية" تتهمها بإثارة الاضطرابات.

وضبط الجيش اللبناني الشهر الماضي وعرض ثلاث حاويات شحن مملوءة بالأسلحة القادمة من ليبيا ويشتبه في أنها كانت في طريقها إلى المعارضين السوريين مما يسلط الضوء على حجم شحنات الأسلحة وجهود السلطات لمكافحتها.

وقال كامل "لا توجد وسيلة مناسبة لاحداث توازن بين تلك المصالح الحساسة. سيكون من الصعب للغاية على الحكومة استرضاء السنة وفي الوقت نفسه مراقبة أو تقييد تدفق الأسلحة على سوريا."

وقالت سحر الأطرش المحللة لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إن حزب الله وهو حليف للأسد وله وزيران في حكومة ميقاتي "يريد منع أي دعم حقيقي مؤثر للمعارضة السورية من شأنه أن يغير التوازن على الأرض."

لكن محاولات تقييد الدعم للمعارضة السورية أغضبت النشطاء والمتشددين الاسلاميين السُنة الذين يزدادون جرأة في شمال لبنان حيث يشكو الكثيرون من إهمال السياسيين في بيروت لهم على مدى سنوات.

وزاد غياب الحريري لمدة عام عن لبنان لأسباب أمنية على ما يبدو من فراغ سياسي سني شجع جماعات سنية أخرى على استعراض قوتها.

وكانت أعمال العنف في الاسبوع الماضي قد نشبت بعد اعتقال شادي المولوي وهو نشط إسلامي مؤيد للانتفاضة السورية ووجه إليه الاتهام بالانتماء إلى جماعة إرهابية وهو اتهام ينفيه. وأفرج عن المولوي يوم الثلاثاء بكفالة 330 دولارا في محاولة لنزع فتيل التوتر المتصاعد.

وقالت سحر الأطرش "المواجهة التي وقعت بعد اعتقال المولوي جديدة. كانت تلك الجماعات تحتاج في السابق إلى غطاء سياسي لكنها في هذه المرحلة تتحرك بشكل أكثر استقلالا عن الزعماء السياسيين."

واشتبك في معارك طرابلس مسلحون سنة مع علويين وأيضا مع الجيش اللبناني عندما حاول إنهاء الاشتباكات.

وزاد الغضب من الجنود بعد تدخل الجيش إلى جانب مقتل رجل الدين السني ومرافقه عند نقطة التفتيش العسكرية يوم الأحد.

واتهم عضو سني في البرلمان الجيش بأنه في خدمة سوريا كما وصف بعض سكان طرابلس الجنود بالخونة.

وقالت سحر الأطرش "التشكيك في الجيش مبعث قلق بالغ .. أمر خطير للغاية." واضافت أن تآكل شرعية الجيش كان أحد العوامل التي ساهمت في انزلاق البلاد في 1975 إلى الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما.

وتعكس تركيبة الجيش اللبناني إلى حد كبير التنوع الطائفي الاسلامي المسيحي في البلاد رغم أن كثيرا من المجندين ينحدرون من محافظة عكار الفقيرة نسبيا في الشمال.

وطلبت الكويت وقطر والبحرين والامارات من مواطنيها تجنب السفر إلى لبنان لأسباب أمنية وقال العاهل السعودي الملك عبد الله إن سحب الحرب الأهلية تخيم على لبنان.

ومن المرجح أن تضر الأزمة بموسم السياحة الصيفية وهي مصدر رئيسي للعملة الصعبة كما أنها تسببت في تراجع مؤشر بورصة بيروت إلى 1154 نقطة اليوم لتبلغ خسائره 30 في المئة منذ مستوياته في ابريل نيسان 2010 قبل الاضطرابات المحلية والاقليمية التي قوضت ثقة المستثمرين.

ووسط تصاعد الخوف من عدم الاستقرار سعى حزب الله الذي سيطر أنصاره قبل نحو أربع سنوات على غرب بيروت إلى تهدئة الأجواء المحمومة.

ودعا الأمين العام للحزب حسن نصر الله إلى ضبط النفس يوم الثلاثاء بعد خطف 13 شيعيا لبنانيا في سوريا وتجنب الانزلاق إلى معارك بيروت يوم الاثنين التي قالت مصادر أمنية إنها وقعت بين أنصار تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري وجماعة سنية متعاطفة مع حزب الله.

وقالت أمل سعد غريب التي ألفت كتابا عن حزب الله "سيلزم حزب الله الصمت ولن يفعل شيئا. منهج حزب الله دائما هو عدم الانجرار إلى صراع طائفي."

واضافت "ما دامت تلك الجماعات لا تشكل تهديدا لمقاومة حزب الله (لإسرائيل) بأي حال .. لن يتدخل حزب الله لمجرد سقوط قتلى."

لكن سحر الأطرش قالت إنه ربما يسعى لاستغلال نفوذه لدى جماعات مؤيدة لسوريا في الشمال إذا شعر بأن التأييد للمعارضة السورية أصبح "أشد عدوانية".

وقال مصدر سياسي في تحالف الثامن من اذار الذي يضم حزب الله إن الحزب لن يلجأ إلى السلاح حتى إذا استمر التوتر في الشمال لعقود. لكنه أوضح أن حزب الله يراقب المنطقة عن كثب.

وقال "هناك مساع جادة لتحويل الشمال إلى غرفة عمليات للمعارضة السورية المسلحة. لن يحدث هذا إلا في غياب الجيش وسلطة الدولة."

وقال المحلل السياسي أيهم كامل إن الاشتباكات ستستمر على الأرجح في طرابلس بين السنة والعلويين وكذلك بين الجماعات الاسلامية السنية والجيش إلا أن التوتر في العاصمة بيروت قد يتم احتواؤه.

وقال "هذه ليست حلقة ستؤدي إلى حرب أهلية وإنما حلقة تكون فيها الصراعات والعنف محصورة جغرافيا لا سيما في الشمال."